حوار مع الروائية والقاصة المغربية حنان الدرقاوي

الاخبار 60 دقيقة1 أبريل 2018188 views مشاهدةآخر تحديث : منذ 6 سنوات
الاخبار 60 دقيقة
فن وثقافةمنوعات
حوار مع الروائية والقاصة المغربية حنان الدرقاوي

حنان الدرقاوي : انا مولوعة بالاسئلة التي لاجواب لها

حنان :افكر بابيقور طبعا واتسائل كيف يمكن لهاته الشخصية ان تتعايش مع الالم وان تتقدم في الحياة مهما كانت خسارتها ووجعها

حاورها- عبد الغني لعويسي

ان الحديث عن الكتابة الادبية المغربية والعربية يدفعنا بحدة الاسئلة ونقاشاتها الى الغوص في اعماق كتاب صنعوا وهجا خاصا واضافوا لهذا البريق الابداعي لمسة تحتاج منا الى البحث والتمحيص عن اسرار هذه الكنوز المصقولة بالتجربة وحرقةالاسئلة ووعورة البدايات من هنا جاء لقائنابصاحبة الطيور البيضاء… القاصة والروائية المغربية حنان الدرقاوي مبدعة الاغتراب بامتياز لكن قلبها وطن يخفق باسئلة فلسفية كبيرة كبرت معها لتشكل لنا هذا الكم الابداعي الكبير هي مبدعة متمردة عن تلك النمطية الحادة من انطلاقاتها في عوالم لاحدود لها لتصبح الكتابة فضاءهاالناطق بلسان السرد والحكي المنحوث في صخور الذاكرة.

س:

بداية اشكرك على قبول الدعوة واود ان اطرح عليك سؤال يتعلق بهذا الارتباط الذي نلمسه في كتابتك القصصية بالفلسفة كيف كانت البديات الاولى لحنان الدرقاوي مع الفلسفة؟ وهل كانت هي الدافع لهذا التمرد في ابداعتك؟

اشكرك اولا على هذا الحوار الجميل وهذا الاهتمام بمااكتبه، البدايات مع الفلسفة كانت منذ الطفولة واول سؤال فلسفي واجهته كان هو سؤال الموت اذ كانت لي قريبة يموت اطفالها بمجرد بلوغهم السنة الاولى من عمرهم القصير، كان عمري خمس سنوات ومات ابنها جمال واتت قريبة اخرى تخبرنا بذلك، لازلت اذكر انني وقفت امام البئر في بيتنا بواحة تنجداد وتساءلت عن الموت وقلت لامي لماذا نموت وقالت ان الله يحدد الاجال وانهلت عليها بجملة من الا سئلة التي لاجواب لها، نهرتني عن كثرة التساؤل وقالت لي بالايمان بالقضاء والقدر لكن تلك الاجابات القطعية لم تكفيني ايامها وظل سؤال الموت يصاحبني ليل نهار، اعتقد انني منذ تلك السن وانا مولوعة بالاسئلة التي لاجواب لها. التقيت كتب الفلسفة مبكرا في مكتبة ابي، كتب عن الدياليكتيك الماركسي بالخصوص وعن تاريخ التشكلات الذهنية ولالايديولوجية ، بدات اقرئ الفلسفة في الاعدادي لكني لم اتصور ان ادرسها في الجامعة اذ كان ابي قد قرر ان ادرس القانون واكون محامية وكنت منخرطة في ذلك الحلم الى ان تلقيت صفعة اول درس في الفلسفة بالثانوي درس عن اهمية السؤال وفهمت بسرعة انني سادرس الفلسفة وسادرسها بدوري ثم اتت الكتابة ووجدتني مشدودة الى حكي يتداخل فيه المحكي الذاتي بالمحكي المعرفي والفلسفي، في قصصي ثيمات فلسفية عديدة وشخوصي كلها حاملة لقلق فلسفي ولرؤية للعالم تميزها

س:

كيف اينعت شخصية المبدعة في حنان الدرقاوي؟

كتبت في سن مبكرة قصائد رومانسية بالعربية والفرنسية وكتبت الرسائل المطولة لابي الغائب كما كانت تكلفني امي بالكتابة الى اخيها واقاربها في الجبهة الصحرواية ايام الحرب هناك، كنت اكتب الرسائل باسلوب مميز وادبي واسرد فيها احوالنا وكانت هاته مهمة افخر بها. ايام الاعدادية كانت انشاءاتي تطوف الاعدادية ويطلب منى الاساتذة قراءتها واغلب اساتذتي كانوا يتنبؤون لي بمستقبل ادبي لكني انا لم اكن مقتنعة بذلك فما كان يستهويني هو الفلسفة والعمل النضالي على ار ض الواقع، لم اكن اؤمن بقدرة الكتابة على تغيير العالم وانا كنت اريد تغيير الواقع، كانت تصعقني الفوارق الطبقية ووضعية المراة ومنها امي التي كانت تعامل في البيت كبروليتاريا منزلية رثة، اعتقد انني اكتب احتجاجا على هذا الوضع ، وضع المراة ووضع المقهورين في هذا العالم. كتبت طيور بيضاء انطلاقا من هاجس جمالي محض، لم يكن فيها خطاب او رسالة ضمنية ، كانت تمرينا في الاسلوب جربت فيها تقنيات حكي كثيرة، خرجت من هذا الرهان سريعا مع مجموعة تيار هواء التي نشرت في دبي عام ٢٠٠٣ وللاسف لم يتعرف عليها القارى المغربي و فيها عمقت الحكي المعرفي والسؤال عن الوضع العام المجتمعي، حكيت فيها عن العاهرات و عن الفقر ، عن سؤال علاقة الرجل المشرقي بالمراة وعن سؤال الوجود بصفة عامة، فيها بدات اخلع قفازي الوردي الذي لامست به الواقع في طيور بيضاء، اعتقد ان شخصيتي الابداعية تشكلت من الترحال اولا فقد كنا كثيري الترحال وفهمت انه علي من اجل العيش ان لاارتبط بالامكنة ولابالاشخاص لهذا ارتبطت بالكتب التي اقرؤها ووجدت فيها عالما يشفي غليلي مما كان يدور في مخيلتي، تشكلت شخصيتي الابداعية ايضا من التقاء بارض الواقع مع بورتريهات شخصيات عديدة عايشتها وتشكلت من وعي سياسي حاد بطبيعة التشكلات المجتمعية، اعتقد ان شخصيتي اثرت فيها عوامل متعددة منها الميل الى التساؤل الفلسفي والموقف السياسي بالاضافة الى بحث مضني عن الجمال المطلق في النص الادبي

س:

هل عشقك للقصة جاء صدفة ام ان ظروفا اخرى اسهمت في اخراج هذه التلاوين الابداعية؟

في الحقيقة انا عشقي هو الرواية والشعر اما القصة فقد نزلت فيها نزولا اضطراريا لاقول اشياء مستعجلة كانت تعتمل بداخلي وتناسبت مع مرحلة عمرية معينة اما الان وانا ادخل عقدي الرابع وصرت اكثر هدوءا فمايناسبني هو الرواية وهي التي اكتب الان

س:

يقال بان الانسان ابن بيئته هل كان للبيئة دور
في تحديد شكل الكتابة عند حنان الدرقاوي؟

طبعتني البيئة التي عشت فيها بشكل كبير، ابي كان مثقفا من الطراز العالي الذي يجمع بين العلم والادب والفلسفة بالاضافة الى ممارسته للعمل السياسي في فترة من حياته، نشات في بيت تنتشر فيه كتب ابي ويجتمع فيه الرفاق للتداول في الشان العام وقد دخلت عالم الكبار هذا مبكرا هذا جعلني متوترة وهذا ملحوظ في طريقة السرد لدي سرد متوتر ومتواتر تواتر الاحداث في حياتي وتوتر الجو الاسري الذي عشت فيه فابي الذي كان مثقفا رفيعا كان طالما ومتسلطا في الحياة اليومية للجميع، هذا جعل سؤال دور المثقف في المجتمع يطرح علي باكرا، اثرت في البيئة التي نشات فيها بتيمة الترحال وهو ترحال كان متعبا في وقته ولكنه الان صار معينا لاينضب للحكي الروائي فبسبب الترحال تعرفت على بيئات مختلفة وعلى انماط لاتعد من البشر وهو كنز لمن يريد كتابة الرواية مثلي. الان فقط احول الاشياء السلبية في حياتي ومنها الترحال الى مادة ادبية وهذا قد يساعد على لملمة الجروح ، جروح الفقد والحنين. حياتي كلها تعبرها هاتين الثيمتين لكني فضلت عدم التباكي على مافقدته، تعلمت ان احول الفقد الى قوة دفع في الحياة. بفضل تلك البيئات المختلفة التي عشتها تعلمت اهمية الاختلاف وضرورة الاحتفاظ به كقيمة عليا يجب ان تسود في المجتمع، وفي كتاباتي عشرات الشخصيات بل والمئات وهي كلها مختلفة عن بعضها البعض وتتعايش وكل منها يتكلم لغته الخاصة ويعبر عن رؤيته للعالم تعلمت ان لااحاكم شخوصي واتركها تعبر عن نفسها وعن ارائها

س:

كيف يمكن للمثقف ان يخدم مجتمعه في نظرك؟

المثقف عليه اولا ان لايحتقر شعبه وان يتعامل مع طموحا ته باحترام مهما كانت تلك الطموحات وعلى المثقف ان ينخرط في دينامية التغيير شخصيا حين كنت في المغرب انخرطت في النضال النسائي لان ذلك كان موقعي ، على كل مثقف ان يجد له موقعا في مجتمعه يجسد رؤيته للعالم ، اومن بالمثقف العضوي الذي يخدم المجتمع الذي اتى منه وتبلورت فيه شخصيته، للاسف ان ظروف هجرتي تحول بيني وبين العمل على ارض الواقع لكني اعتقد ان كتابة نصوص جميلة هو ايضا شكل من اشكال النضال المجتمعي

س:

مارايك بالتحولات التي شهدتها المجتمعات العربية ؟

طبعا لايمكن الانشعر بالاعتزاز من انتفاضت الشعوب العربية ورغبتها في التغيير والربيع العربي كان مفاجئآ للجميع فالمحللون السياسيون لم يتنبؤا به. المخيف هو ان الشعوب العربية اختارت الاخوان والاحزاب ذات المرجعية الدينية بديلا عن الديكتاتورية او الديمقراطيات المزيفة.يطرح هذا سؤالا عويصا علي فانا مع اختيار الشعوب وان كانت مخطئة. ربما علينا ان نمر من فترة حكم الاحزاب الدينية ليتجلى للجميع ان الاسلام ليس برنامجا سياسيا ، اقتصاديا واجتماعيا بل هو اساسا منظومة اخلاق وتشريع للحياة الشخصية ومن ثم لامكان له في الشان العام، الخوف هو ان تتوجه الشعوب العربية الى اختيارات اكثر راديكالية والخطر السلفي مقيم في كل ارجاء العالم العربي، فهل الاحزاب الدينية الحاكمة سد ضد السلفية، ؟ لااعتقد ذلك

س:
يقال ان المعانات تخلق الابداع كيف ذلك؟

النص الابداعي نص جمعي تتدخل فيه اصناف معرفية كثيرة لكن لحمته هو التجربة الشخصية وانا عشت حياة غنية من الاحداث والتحولات والتجارب الايجابية والسلبية مكنتني من صقل موهبتي، هناك اشياء مؤلمة في حياتي قاومتها بالكتابة، من هاته الاشياء قسوة اهلي علي، عنف ابي وقساوة امي علي. ربما لو عشت في اسرة سوية لما كنت مبدعة فنشاتي هي السبب في الابداع فقد كنت احتمي بدفء الورقة من قساوة الواقع لكنني تعايشت مع هاته المشاعر السلبية واحولها الى مادة سردية

س:

كيف ترين القصة في المغرب؟ وهل هذا التغيير في رئاسة اتحاد كتاب المغرب سيكون له دور في تطوير الكتابة الادبية بالبلد ام انها مجرد مناصب وكراسي على غرار السياسي؟

القصة في المغرب بخير فهناك اقلام جميلة ومجاميع جيدة تصدر اما رئاسة الاتحاد فهي لن يكون لها تاثير في الابداع ، فالابداع لاعلاقة له بالكراسي ، انه دينامية فردية يخلقها فرد في تفاعله مع مجتمعه، قد تيسر الاتحادات بعض الامور التنتظيمية لكنها لاتخلق المبدع، الابداع فعل توحد ولاعلاقة له بجوقة الكراسي

س:

ماذا تشكل لك مجموعتك القصصية طيور بيضاء ؟وماهو جديدك؟

طيور بيضاء مولودي الاول ولازلت انظر لتلك المجموعة بعطف خاص جديدي هو تيار هواء التي صدرت بدبي ٢٠٠٣ ورواية ” الخصر والوطن” وهي رهن الطبع بدار نشر مغربية كما انهي حاليا رواية” جسر الجميلات ” وهي رواية سيرةذاتية، انهيت ايضا مجموعة” عربات لحم” كما صدرلي خلال هذه السنة الترجمة الفرنسية لطيور بيضاء

س:

وانت تكتبين هل ينتابك المبدأ الفلسفي لأ بيقور؟

مايعلمه ابيقور بالاساس هو عدم الخوف ، عدم الخوف من الالهة ومن القدر ومن الموت وهذا درس في الحياة التي هدفها الخير والتوافق مع الذات، الابيقورية ليست فقط الدعوة للاستمتاع بالملذات انها فلسفة في ضبط النفس وفي تعلم الحكمة امام الالم. كلنا معرضون للالم في حياتنا واهمية ابيقور هو انه يقول اننا يمكن ان نجابه الالم ونحيا معه بل ونستمتع بالحياة حتى ونحن نتالم، هي فلسفة بعيدة عن الروح العربية المتباكية والمتشبتة بالاطلال. فلسفة ابيقور هي فلسفة مواجهة لامور الحياة الواقعية. وانا اؤسس شخصية وافكر بابيقور طبعا واتسائل كيف يمكن لهاته الشخصية ان تتعايش مع الالم وان تتقدم في الحياة مهما كانت خسارتها ووجعها، وانا اكتب اسئل القدر والرب عن حق الانسان في الاختيار الحر لمصيره/

س:

ما رأيك في التحولات السياسية بالمغرب؟

هناك حراك اجتماعي جميل تقوده حركة ٢٠ فبراير والجمعيات المدنية، هناك تحولات قادمة فالشعب لن يرضى على الحد الادنى من الحقوق، هناك غضب عام تمنيت لو كنت هناك لاشارك المغاربة غضبهم لكنني اتابع باهتمام واعتقد اننا مقبلون على تحولات اكثر حين سنكتشف خدعة الاسلام هو الحل

س:
كلمة اخيرة ملونة بوهج الحرف في كتاباتك ماذا يمكن ان تقولي ؟

شكرا لكم على هذا الحوار الجميل فلنبق على قيد السرد الذي لاينتهي..

Print Friendly, PDF & Email

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة
error: Content is protected !!