حوار مع الشاعرة اللبنانية نسرين ياسين بلوط

الاخبار 60 دقيقة7 أبريل 2018114 views مشاهدةآخر تحديث : منذ 6 سنوات
الاخبار 60 دقيقة
فن وثقافة
حوار مع الشاعرة اللبنانية نسرين ياسين بلوط

حاورها: عبد الغني لعويسي

الشاعرة اللبنانية نسرين ياسين بلوط
– وجع الكتابة يخرجنا نحن من وجعنا الحقيقي
– وحدها الكلمات تشفيني وتلهمني وتميتني وتحييني..
– الاغتراب صبغ لغتي الشعرية بالحنين وبعض الأسى

الشاعرة نسرين ياسين بلوط شاعرة لبنانية اختارت لها بوحا خاصا تشكل في نبضها الخافق بالوجع الذي كونه الاغتراب وألم فراق الأبوين هي ابنة الأرز أينعت أزهارها على معنا البوح فكانت الكتابة فضاءها الرحب الذي به تفتح لإحساسها الصادق معنا مختلفا من معاني القصيد هي متحررة في الكتابة لا يحدها لون واحد من ألون الإبداع الأدبي كأنك وأنت تقرا أشعارها تتلمس أبعاده الهلامية المنتعشة بعبير المقروء من كتب جبران وجهابذة البوح الملتحف بعباءة الغموض الجميل التقيناها فكان الحوار التالي:
س1 الشاعرة نسرين ياسين بلوط نستفيق في كل مرة على أريج ديوان جديد يضم تشكيلة فريدة من عبق اللفظ ماذا تشكل لك القصيدة؟ هل هي متنفس أم هو موت من اجل حياه؟
القصيدة بالنسبة لي هي الحياة.. بها اتنفس ولها اعيش…….في وعر الشعاب ألفاها تقطنني وفي هتاف الصبح بالامل أجدها تتجسدني.. هي الرمق الذي تتردد به انفاسي.. هي دفق شعري جميل لا ينضب ولا يتهالك ماؤه إلا بموتي……وحتى بعد موتي تتردد بصدى ذاتها وكينونتها … لتعلن عن هويتي وذاتي..حتى في غربة المكان أو الزمان تحتدم بربابة نايها لتنساب أنغاما سحرية…توقظ الحي والميت….وتسبح في البعد الميتافيزيقي للمنظورات.قد يكون لها دلالات صوفية او حسية او وجدانية..لكنها تعيش في أعماقي متمردة يقظة حاضرة.. ولا تذهب الى حتفها الا لتولد من جديد..
س2 نعلم من تكون نسرين الشاعرة فمن هي نسرين الإنسان وكيف هي العلاقة بين هذاين التوأمين ؟
نسرين الشاعرة هي نسرين الانسان الاثنان توأمان لا يفترقان برقة الاحساس والحساسية المفرطة والخيال الجامح ومحبة الآخرين ..كأنغام موحدة تنساب على قيثارة الحزن ونسائم الأمل…انا ونسرين الشاعرة واحد ربما لهذا السبب لي صومعة تحيقني من الجموح بالخيال المفرط…لهذا كثيرا ما اصطدم بأسوار حادة من الواقع تؤلمني بعض الأحيان…لأني أعيش في عالم مثالي لا تطاله يد..
س3 كيف كانت الطفولة وهل الماضي يؤثر في كتاباتك و كيف ذلك؟
الطفولة كانت جميلة ومؤلمة في آن معا.. جميلة لما تعج بذكريات طفلة تركض فوق العشب وبين المروج تسترق هنيهات البراءة وحنان الأم.. وتقرأ وهي ما زالت في العاشرة كتب جبران خليل جبران ومحمود درويش ومي زيادة وميخائيل نعيمة…وو…
ومؤلمة لأنها تغص بشجن عميق حين فقدت تلك الطفلة وهي في الثانية عشر أعز الناس..امها وأباها…وكان هذا صدمة عنيفة لها تشتت لها قلبها الصغير وتفتت..
هذا صبغ كتاباتي بنغم شجي ومشحون بكبت عميق رافقني..خاصة في ديواني الاول ارجوان الشاطئ..كذلك الحرب التي رافقت طفولتي وجرح الوطن تسرب في أعماقي يدوي كالرصاص القاتل..
لكن تبقى هناك صور لا تمحى في ذاكرة طفولتي … صور امي الحنون وحثها لي على الكتابة ..صور ابي ينهض كل صباح الى عمله..ويعود مساء بخطواته على ذاك الدرب للمنزل لنجتمع بحميمية ومحبة…واول كتاب قرأته في العاشرة وكان النبي لجبران خليل جبران حيث تفتحت روحي لفلسفة جميلة في الحياة..
س4 هل ضاع شراع سفينتك في أرجوان الشاطئ وماذا يشكل لك هذا الديوان؟
في ارجوان الشاطئ تاه الشراع لكنه لم يضع….. كانت مرحلة من التيه سببتها الغربة وجرح من الحبيب ادعى يوما انه الحبيب…..فانساب قلمي يبكي في مرحلة مؤقتة من الضياع والألم.. لكنه أبى ان يستسلم للجرح فارتقى لارتقي معه الى فضاءات واسعة من النبض والقوة والايحاء..
بعد كل تلك الخيبات دائما أتوج نفسي ملكة على الغروب.. وجاء هذا ملخصا في قصيدة ملكة الغروب التي اخاطب بها ذاتي لان بعد الغروب دائما شروق دافئ وأمل جديد..

س5 حينما تفتقت شرنقة البوح فيك هل كنت على وعي بان الشعر محراب لكل من أضناه تعب الواقع؟
منذ تدفقت شرايين الشعر في دمي وأنا أجد القلم ملاذي أعزف في غصة الرباب للحنين قصة وأغزل سردا وومضا من الشعر والهوى.. بالطبع كنت على وعي بأني عندما أكتب اكون بين حالة الوعي واللاوعي.. المحسوس والملموس… المفرط والموجز.. هي راحة أن نستطيع التعبير عن واقعنا وواقع الآخرين في قصيدة تختزل الكثير من المسافات تأتي كومض سريع يلمع في الأفق البعيد ويشع وهجا.
بالنسبة للرواية التي أكتبها أيضا فيها تفصيل وسرد وتلاعب بمصير شخصيات وأبطال نرسم خطواتهم وندرس نفسياتهم وخلفياتها وماضيهم وانعكاسه على حاضرهم ومستقبلهم فنسهب فيها.. أما القصيدة فهي برق سريع … كالبرق نختصره ونوجزه على عباب الحنين.

س6هل كان للاغتراب دور في هذه التلاوين الإبداعية في قصيدك؟
الاغتراب صبغ لغتي الشعرية بالحنين وبعض الأسى… في شهقة تزفر بالشوق للوطن وتتراقص في مهب الألم.. كنت كالوردة التي انتزعوها من دوحها ليزرعوها في بلاد اخرى لا تعرف من تربتها سوى القشور..
لونت الغربة قصائدي بالصفاء الروحي الذي ينبع من الصبابة…. وأضفت لقلمي ألوانا بنفسجية للغروب والغسق والصور التي تعب من رونق الخيال ونوره.
س7 ما معنى أن نتنفس الحب في قصيدة؟
نحن عندما نعشق نتنفس الحب من غير ان نكتب فيه شعرا .. فكيف ان رسمنا مشاعرنا أشعارا وتدلت عقودا من ياسمين الهوى؟………
نعم نحن نتنفس الحب والعشق في كل هنيهة ونلوذ به من اي كدر ونعب منه احلى اللحظات.. لكنه ان كان حبا ساديا مفرطا بهواجسه يصبح كسياط مؤلم يلذعنا فنسعى أن نشفى منه.. نشفى منه بالكتابة ايضا .. بممارسة طقوس عبادته وتفنيده بالكلمات……وحدها الكلمات تشفيني وتلهمني وتميتني وتحييني..
س8أنت دائمة التنقل مثل الفراشات الحالمة تبحثين عن معنى التوافق والاختلاف ليختلط الجميع فتولد قصيدة كيف ذلك؟
الشاعر دائما ما يكون في مد وجزر .. في الحلك والنور.. فكلما كان مخاض قصيدته عسيرا وأدبها وهذبها وقسى عليها كلما جاءت صادقة حساسة متينة.. الشاعر كالفراشة يحوم حول الضوء ليخلق منه أملا للغير وعبرة وسلاما…..
س9كنت مؤخرا بمهرجان فاس للشعر كيف كان اللقاء وما سر هذا التعلق بالمغرب؟
كان اللقاء في مهرجان فاس جميلا هادئا بوجود بعض الشعراء الهادفين…. سررت بالتعرف على الجمهور المغربي الجميل.. واهديت المغرب قصيدة جميلة القيتها هناك..التعلق بالمغرب العربي بشكل عام لحضارته وبطولته وقمة صموده امام الاستعمار الذي جلس على اكتاف شعوبها مدة طويلة حالكة لكنه خرج منها منتصرا رغم الدماء.
س10ماذا تشكل لك هذه القصيدة وكيف تم الإنجاب

والدار بيضاء الأيادي…
سادس العهد الأمير …
ملكا لفردوس رقى…
هي قصيدتي للمغرب اقول فيها للمغربي ان يفتخر لانه هدم كل سور منيع .. احببت ان اوجز تاريخ بعض المدن.. وان المغرب عظيمة جدا بشعبها وان ملكها رقى بها ولها….

س11ماذا يشكل لك وجع الكتابة وهل يخرج من رحم الألم لذة كيف ذلك؟

وجع الكتابة يخرجنا نحن من وجعنا الحقيقي وينقلنا الى عالم يتجرد من الألم ويحف به الأمل.. فكلما عبرنا كلما اجتزنا جروحنا وارتقينا الى سماء لا تتلبد بغيوم الاسى بل تشرق بلازودية المحبة والتفاؤل والجمال…..
هي لحظات موجعة تلك التي ننتقل فيها من وجعنا الذي يحفر فينا همومه إلى توقنا لتبديده باشراقة الشعر وتحرره من كل قيد سلبي…
س12يقال بان الشاعر ابن بيئته كيف ترين الوضع في العالم العربي وماهو تقييمك للوضع في سوريا؟
الشاعر ابن قصيدته اولا….. قصيدته هي التي تترجم بيئته وواقعه وشخصه واحاسيسه.. نحن نكتب للعالم ولا نحصر كتابتنا في مكان او زمان محدد..
في سوريا انا مع الشعب ووجعه وألمه .. هو يتقلب في ظهيرة الوجع على وسادة من النكبات بغض النظر عن انتمائه السياسي..
انا مع اي قرار يتخذه الشعب السوري ليخرج سليما من محنته.
س13 قرأنا في بعض تصريحاتك لوسائل الإعلام انك على وشك الانتهاء من رواية ما اسمها؟
انا انتهيت فعلا من كتابة روايتي الاولى لم اضع لها اسما بعد وبدأت بكتابة روايتي الثانية…….
وهل يمكن أن يطلع القارئ على بعض فصولها وأحداثها؟
بالنسبة للرواية الجديدة الثانية التي بدأت بكتابتها فإني انشر بعضا من مقاطعها في صفحتي الخاصة وفي مجموعة فضاء نسرين..
س 14 ماسر هذا الانتقال من جنس الشعر إلى الرواية؟
هو ليس انتقالا .. ان استطاع الاديب ان يكتب الشعر ويسرد الرواية .. فلا مانع ان يكتب.. كعازف الناي الذي يجيد ايضا العزف على الكمان.. لكل فن خصوصيته وجمالياته وفصوله الخاصة …الشعر برق وومض.. والرواية سرد وتفصيل وتلاعب بمصير اناس..
س15 كلمة أخيرة

شكرا على هذا الحوار الجميل الذي ترجم عالمي الشعري وغاص في تفاصيله.. وتحياتي الى الشعب المغربي الاصيل .. الذي يحتفي بكل من يحبه ويقدره..
واختم بمقطع من قصيدتي للمغرب

يا مغربيّا افتخرْ…….
في ساجيات الدهر……قرّرت المصيرْ..
مادَ الدلال لخشعةِ الصبح..
القريب من السنا……
في الحلكِ دربٌ ينشد السحبَ المدى……..
في القلبِ أمنيةٌ شذىً …ولها” تسيرْ…..
جئتُ المدينةَ مفعمٌ قلبي هوى…..
ليلٌ تناهى في مدى…………
يشدو …………….يطيرْ…………..
يا مغربي……

Print Friendly, PDF & Email

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة
error: Content is protected !!