استأثر موضوع مكافحة الفساد المالي وتخليق الحياة العامة وحماية المال العام، بحصة الأسد من التوصيات التي وجَّهها الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، رئيس النيابة العامة، محمد عبد النباوي، إلى المسؤولين القضائيين على النيابات العامة بمحاكم المملكة. وقال عبد النباوي في كلمة له بمناسبة انعقاد اللقاء السنوي الأول للمسؤولين القضائيين على النيابات العامة، اليوم الجمعة 10 يناير الجاري بمقر رئاسة النيابة العامة بالرباط، إن موضوع محاربة الفساد “توليه السياسة الجنائية وطنيا ودوليت أهمية بالغة، لما له من تأثير على قضايا المواطنين ومصالحهم المختلفة”.
وعدّد عبد النباوي الآثار المترتبة عن الفساد على الدولة والبناء الأسري وظروف عيش الساكنة، موجزا إياها في “إلحاق أضرار بالبناء الاقتصادي للدولة، والتسبب في اختلالات في شروط المنافسة الحرة وحرية التبادل التجاري وضياع فرص الاستثمار، وهو ما يضر بالاقتصاد الوطني، وبالأوضاع الاجتماعية للأشخاص، ولاسيما هدر فرص الشغل”.
المسؤول القضائي، أبرز ضمن كلمته المحددات الأساسية لتوطيد الشفافية والنزاهة، كما هي منصوص عليها في الفصل 36 من الدستور؛ “معاقبة الانحرافات في تدبير الأموال العمومية، واستغلال النفوذ وتنازع المصالح والرشوة واختلاس وتبديد المال العام والتلاعب بالصفقات العمومية”.
حديث عبد النباوي عن موضوع الفساد في هذا اللقاء، يأتي في سياق توجيهه مطلع الأسبوع الجاري، دورية إلى الوكلاء العامون للملك لدى محاكم الاستئناف والمحاكم الابتدائية، حثهم عبرها على ضرورة التصدي للفساد ومحاربة جميع الأشكال التي تعمل على تقويض سيادة القانون وتضعف ثقة المواطنين والمستثمرين في المنظومة القانونية والمؤسساتية الوطنية، من خلال إجراء تحريات حول ما يتوصلون به من معلومات بشأن أفعال الفساد، وفتح أبحاث بواسطة الفرق الوطنية والجهوية للشرطة القضائية.
على صعيد آخر، قال محمد عبد النباوي إنه “يجب أن يعي جميع أعضاء النيابة العامة أن أمر الملك لنا بصيانة حقوق وحريات المواطنين والمواطنات، يتطلب منا بذل كل الجهود للوفاء بهذه المهمة الجسيمة؛ التي تقتضي حرصا مستمرا ويقظة دائمة، وتدخلا حاسما وفوريا أمام الأحداث”.
ولفت عبد النباوي إلى وجود فراغ في تقييم مستوى أداء قضاة النيابة العامة خصوصا على مستوى النيابات العامة لدى المحاكم الاستئنافية”، مشددا على أن “تحسين أداء النيابات العامة يتطلب إقامة نظام لتفقد النيابات العامة وتتبع كيفيات سيرها، وتقييم مستوى أداء قضاتها”.
رئيس النيابة العامة، دعا المسؤولين القضائيين على النيابات العامة بمحاكم المملكة، إلى “بذل مزيد من الحرص في تصريف القضايا الرئيسية للسياسة الجنائية، ولاسيما حماية الحقوق والواجبات ودعم الحريات الدستورية وحماية الأمن والنظام العام وسكينة المجتمع”.
كما دعاهم إلى “بلورة التصور الملائم لترسيخ صورة “نيابة عامة مواطنة”؛ قريبة من انشغالات عموم المواطنين، حريصة كذلك على التواصل معهم”.
وفي هذا الصدد اقترح المتحدث دراسة تفعيل مهام الناطقين الرسميين باسم النيابات العامة، الذين سبق أن تلقوا تكوينا أوليا خلال السنة المنصرمة، مشيرا إلى أنه سيتم دعوتهم من جديد لاستكمال هذا التكوين خلال الأشهر القادمة، حتى يتمكنوا من تكليفهم بمهام التواصل مع الرأي العام قبل نهاية السنة الجارية.