التهامي غباري،
في زمن تتزايد فيه التحديات الاجتماعية والسياسية، يبرز الانتقاد كأداة فعالة تعكس حب الأفراد لوطنهم. الشخص الذي يسلط الضوء على السلبيات في بلده ليس مجرد ناقد، بل هو في الواقع من أكثر الناس وطنية، حيث يسعى من خلال انتقاداته إلى تحسين الأوضاع والمساهمة في بناء مجتمع أفضل. هذا النوع من النقد ينبع من القلق والرغبة في التغيير الإيجابي.
ويعتبر الانتقاد البناء علامة على الوعي الاجتماعي والسياسي، إذ ان الأفراد الذين يسلطون الاضواء على المشاكل والاختلالات في مناطقهم هم من أكثر من يهتمون بمستقبل وطنهم، ويسعون إلى تحسين الظروف وتعزيز العدالة الاجتماعية، وتحقيق التنمية المستدامة، باعتبار ان هؤلاء الأشخاص يرفضون قبول الوضع الراهن، ويعملون على دفع المجتمع نحو التقدم، مما يعكس التزامهم العميق بمصالح وطنهم.
على النقيض من ذلك، نجد أن هناك ايضا، مطبلين ومزمرين، وهم أولئك الذين يفضلون التظاهر بالرضا عن الوضع القائم، وغالبًا ما يكون ولاؤهم مشروطًا بالمصالح الشخصية، وهؤلاء الأشخاص في الغالب يسعون إلى تحقيق مكاسب فردية على حساب المصلحة العامة، مما يجعلهم غير موثوقين، ويفتقرون إلى الشجاعة اللازمة لمواجهة الحقائق، وبدلاً من ذلك، يختارون السير في طريق النفاق، مما يعيق التقدم الحقيقي.
إن النقد هو جزء أساسي من أي مجتمع ديمقراطي، فهو يساهم في تعزيز الشفافية والمساءلة، ويشجع على الحوار والنقاش، وذلك من خلال التعبير عن الآراء والمخاوف، ويسهم في التأثير على صانعي القرار ودفعهم نحو اتخاذ خطوات إيجابية. إن الانتقاد لا يعني عدم الولاء، بل هو تعبير عن الالتزام بتحقيق الأفضل لوطنهم، مما يعزز من روح المواطنة الفعالة.
في النهاية، يجب أن ندرك أن الانتقاد هو علامة على الوطنية الحقيقية، حيث أن الأفراد الذين يواجهون السلبيات بشجاعة هم أولئك الذين يسعون إلى تحسين أوضاع مجتمعهم، بينما المطبلون والمزمرون هم من يسعون وراء مصالحهم الشخصية شأنهم في ذلك شان المبتزين المصلحيين وما أكثرهم رغم تظاهرهم بروح المواطنة.
حقيقة إن تعزيز ثقافة النقد البناء يمكن أن يسهم في بناء مجتمع أكثر عدلاً وتقدمًا، حيث يكون الجميع ملتزمين بتحقيق مستقبل أفضل.